Wednesday

مبتدأ منصوب بالضم

:سُألت بالأمس لما لا أكتب أكثر في مدونتي وأكتفي بالمتابعة والتعليق على كتابات نوعية في مدونات الغير، لمن سألني أقول
أنا لا أملك القدرة أو الحق لأكتب أكثر، فما ورد مني في هذا الحيز ما هو إلا ترجمة لتخبط الوهن بالانكسار واختلاطه مع كثير من الحرقة والغضب وقليل من الأمل، تفاعل كل هذا ليشكل محلولا ثقيلا ثقيلا أشعرني بالغثيان و كانت هذه المدونة لتفرغ ما أشعر به، لعلي أجد بعض الدفء من خلال سردي لنفسي
بدأت بكتابة فكرة راودتني بعد أن تغير مفهوم الوجود والخلق لدي ومعه تغير مفهوم العدم والحب والرجل والوطن وقوانين الكون وأشياء أخرى تحول دوني ودون نفسي. فأنا لم أعد أطيق تساؤلاها و تخبطها
وأذكر كم ترددت في الضغط على زر النشر الذي سيطلقني في فضاء يحلق فيه أناسا استثنائيين يكاد يندر وجودهم حيث أكون وحتى الآن
يراودني الشعور نفسه في كل مرة أود فيها أن أنشر شيئا مني، وكأنني بذلك ألتمس الدخول إلى أخوية سرية ولتأكد من صدق إخلاصي يتوجب علي أن أندر نفسي للأخوية بغرز سكينا في يدي وتقديم دمي قربانا لأمناء السر اللذين توجوا أسيادا بفضل تطويعهم وتذليلهم للحرف واللغة
:لمن يسأل أو يتساءل
كامرأة أنا جديرة بالاهتمام كله، ولكني أخاف كثيرا التطاول على اللغة، أخاف كثيرا من أمناء السر المتخفيين بقناع أسماءهم المستعارة، أخاف نقدهم اللاذع ، أخاف تجاهلهم كما أخاف أن يقللوا من شأن حرفي الذي ربما نُصب في حين وجب أن يرفع أو ضم في حين وجب أن يفتح، ولكنه حرفي وأخاف عليه أن يعدم
:لما تجرأت على الكتابة إذا
منذ زمن ليس ببعيد انهارت كل قناعتي الغبية وتلاشت أحلامي التي توارثتها من جدتي فأمي فأختي حتى وصلت إلي في سن مبكر من ظهور المرأة فيني، واقتنعت حينها أن هذه هي أحلامي فارتكبت في سبيلها عددا لا يغتفر من الحماقات التي عادت علي بحصاد وفير من الإخفاقات وخيبات الأمل، إلى أن اعتراني الزلزال ليهزني حتى العمق واستدركت حينها بأني أعكس صورة لا تشبهني وأني أقاتل من أجل رغبة لا أريد إدراكها و مع مخلفات الطوفان الذي لحق الزلزال طفت كثير من الأسئلة على صدري دفعة واحدة كادت تخنقني وبدأت تنفجر من حولي كحقل قمح زرع عشوائيا بالألغام يعبره طفل على غير هدى في محاولة يائسة للوصول إلى أترابه في أخر الحقل
نشب صراعاً بيني حينها وبين ما أريد أن أكون عليه، أقاتل لكي أطرد مني شوائب مجتمعاتنا الجاهلة
أقاتل لأتحرر من قيودي وأحلق عاليا وبعيدا
أقاتل لكي أقوى على التخلي عن صدر أمي الحنون الممتلئ بحليب البساطة والأخذ بالمسلمات
أقاتل وأستشرس لأفهم ما ولما يجري ما يجري من حولي
عزمت على أن أخلق لنفسي موروثا جديدا يقوم على رؤية كونية متحررة من كل قيد سياسي أو إجتما عي أو فكري أو ديني، وحرصت أنه لا بد أن يشمل هذا الإرث كتابا جيدا وموسيقى راقية وأناس نوعيين وإن قلوا
ومن خلال رحلتي لإعادة صياغة أفكاري ومبادئي ووجودي و حريتي وكلي وجدت نفسي أخطو فوق كوكب يطلق عليه البلوغ وعلى هامته وجدت أناسا مثيرين للجدل والاهتمام، وجدت رواسب تجارب وأحاسيس لم استغربها، وجدت رموزا وطلاسم تترك في نفسي انطباعات عن صاحب هذا الاسم المستعار أو ذاك. وحتى الآن وكلما قرأت وراء هؤلاء شعرت باستحياء من الكتابة واكتفيت القراءة بصمت إلى أن تستفز صمتي بعض النصوص النوعية فأعلق بانعكاس تلك النصوص فيني
:الخلاصة
أنا أكتب نادرا وأقرأ كثيرا وأعلق أحيانا وذلك حتى لا أتقيأ دما وألما وقتلا وتشريدا وخرابا ونزوحا وخزيا ووهنا وغضبا وأشلاء وقرحا ودخانا وأرقا وضياعا وقلقا وخوفا ودمارا وشللا وعجزا ودمعا وفقدا وحرقة
أنا هنا أتلمس مما تكتبون بعضا من الأمل والطمأنينة و كثيرا من المتعة التي تبثها لغتكم الجميلة المكللة بغموض صاحبها

7 comments:

نـشاز said...

عــزيزتي التي لا أعرف من تكون
مخاوفك
احتجاجك
توجسك
علامات السؤال التي تطرحينها
وأشياء اخرى
هي انت وفقط أنت
وقرائتي لهذه الأنت يشعرني أن أخرى تشاطرني أحاسيس وهواجس تلف أناي

كم هو مثير ان أتعثر بإحداهن تخاطب همومي على طريقتها الخاصه


دمت ودامت تخباطتك الغير مبيته

إمرأة لن تكون said...
This comment has been removed by a blog administrator.
إمرأة لن تكون said...

عزيزتي

لسبب نفسه تجديني من المتردين دائما على مدونتك

شكرا

White Wings said...

سيدتي
أنت بصدد تجربة رائعة وعملية شاقة، فريدة وممتعة لأقصى حد، أنت تصنعين موروثاً شخصياً جديداً تمارسين فيه حريتك كاملة وتفسحين من خلاله المجال لحريات الآخرين، هذا ما فهمته، وهل من هدف في الحياة أعظم من ذلك؟ رحلتك شاقة وشائكة ومليئة بالتساؤلات ومساءلات النفس، ولكنك انسانة مميزة لهذا السبب، أحييك وأسير معك في طريق هذه الرحلة...اكتبي أكثر بالرغم من واقعية مخاوفك، نحن جميعاً نشترك في الخوف ولكننا نساند بعضنا بعضاً...شخصياً أنا هنا معك على الطريق..وهنا دائماً ان احتجت أن تجربة الموروث الوليد الجديد على فأرة تجربة
:)
كل التوفيق

الملا ابن قنب الهندي said...

نـشاز a dit…

كم هو مثير ان أتعثر بإحداهن تخاطب همومي على طريقتها الخاصه


دمت ودامت تخباطتك الغير مبيته

10:15 AM
__________________________________
استسمح "امراة لن تكون" عذرا كي أعلق على نشاز التي هي ايضا امراة لكنها كائنة ...للاسف
متى كان التعثر فعل محمود كي ننسبه الى من هو كفؤ لنا في الانسانية
صديقتي انت تتعثرين بالأراء لا بالاشخاص و هذا تعبير اصوب
سيف الكلام هذا المسلط على رقابكم انتم العرب منذ داحس و الغبراء الى آخر خطاب لبشار الأسد و المساجلات التي لا تنتهي في جامعة الدول العبرية
انتبهي له نشاز...

عزيزتي "امراة لن تكون"
شيء مريع ان ينكفئ المرء على نفسه لأنه ليس بالصورة التي يريدها و يتمناها
فقط كوني كما انت
و انت كما ارى جميلة جدا
ليس كما اريد انا تماما لكن هذه ليست مشكلتك ففي الجمال شيء من قبح و في القبح قبس من جمال

توقيع نسبي ابن ابي نسبيه الواقعي المجريطي (قدس سره)

نـشاز said...

أين أنت !؟
لماذا لا تكتبين !؟

ملاك said...

هذه مساحتك لتكوني انت فعلاً

ولكن على هذا الكوكب_البلوغ_ "أيضاً" ثمة من لا يمكن الثقة بهم وثمة من ستشعرين للحرف الاول انهم يستحقون منك بعض روحك

تماماً كما في العالم الحقيقي

مرتبكة ازاء مدونتك وما فيها
ولكني سعيدة بأن ارى من لا يخشى اشهار هواجساً و تخوفات "حقيقية" جداً في عالم افتراضي جداً

ظلي انتِ